أول من أحدث التمثيل الذي يسمونه التشبيه في هذه الأمة هم الروافض وذلك لأنهم أخذو دينهم عن اليهود، ولهذا نجد أن أكثر المشبهة هم الرافضة.
وكل من كتب عن الفرق الإسلامية مثل مقالات الإسلاميين لـأبي الحسن الأشعري، والفصل في الملل والنحل لـابن حزم يذكرون في الممثلة قدماء الروافض، ونحن نأتي بكلمة قدماء الروافض؛ لأن المتأخرين منهم صاروا معتزلة.
من القرن الرابع وإلى اليوم فـالإمامية الإثني عشرية والزيدية هم معتزلة في باب الأسماء والصفات، وفي باب القدر.
وقدماء الروافض كانوا عَلَى التمثيل والتشبيه ومتأخروهم عَلَى الاعتزال، فمن قدماء الروافض هشام بن الحكم الرافضي، إمام فرقة الهشامية من الرافضة وكان في القرن الثاني وهو مشهور بأنه يشبه الله تَعَالَى بخلقه تَعَالَى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وهذا المذهب مشهور عند الهشامية والبيانية أصحاب بيان بن سمعان التميمي، وهناك فرقة تسمى المغيرية، نسبة إِلَى المغيرة بن سعيد العجلي من بني عجل، وكان هذا الرجل يقول: إن ربه أو معبوده مثل الإِنسَان له أعضاء وله جوارح يد وعين كالإِنسَان، وبعضهم يذكر طوله وعرضه وارتفاعه -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وإن كانوا هم يثبتون ذلك لمعبودهم لا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وينسب التشبيه إِلَى مقاتل بن سليمان المفسر والله أعلم بصحة ذلك، لكن ينسب إليه أنه كَانَ يقول: اعفوني عن اللحية والفرج، وما عدا ذلك فأنا أثبته، ونحن لا نجزم بصحة ذلك عنه، فهو مفسر كبير مشهور له قدره وإن كانت روايته ضعيفة.
وأيضاً لم ترد هذه العبارات عنه من طريق إمام من أئمة السلف، وإنما أوردتها كتب المقالات ومن أقدمها مقالات الإسلاميين لـأبي الحسن الأشعري، وهو ينقل غالباً عن المعتزلة وأمثالهم فيحتمل أن المعتزلة زيفوا عليه فلا بد من التأكد، لكن هشام بن الحكم، وبيان بن سمعان والمغيرة بن سعيد فهَؤُلاءِ ثبت ذلك عنهم؛ لأن الإمام ابن قتيبة رَحِمَهُ اللَّهُ في كتابه عيون الأخبار يقول عن المغيرة بن سعيد إنه كَانَ سبئياً، والإمام ابن قتيبة عالم مشهور وهو ثقة من أئمة السلف.

والسبئية -أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي- ممثلة أو مجسمة؛ لأنهم هم الذين قالوا لأمير المؤمنين على بن أبي طالب أنت، فقَالَ: من أنا، قالوا: أنت الله.
فإذاً هم يعتقدون أن الله -تعالى عن ذلك علواً كبيراً- يكون في صورة بشر، ولهذا لما قيل لـعبد الله بن سبأ وهو منفي في بلاد فارس إن علياً قد قتل، ضحك!
وقَالَ: والله لو جئتمونا بدماغه في صرة ما صدقنا، وإنما رفع كما رفع المسيح، وإنه في السحاب، وإن الرعد صوته إذا تكلم، والبرق سوطه هذا هو عقيدة الفرقة التي تسمى السحابية وهذا هو أصل مذهب التمثيل والتشبيه.